In his book, "Nihaayat ul-Iqdaam", ash-Shahrastani says on the subject of Allaah's Speech and the
Qur'an (p. 177 onwards)
قالت السلف والحنابلة قد تقرر الاتفاق على أن ما بين الدفتين كلام الله وأن ما نقرأه ونسمعه ونكتبه عين كلام الله فيجب أن يكون الكلمات والحروف هي بعينها كلام الله ولما تقرر الاتفاق على أن كلام الله غير مخلوق فيجب أن تكون الكلمات أزلية غير مخلوقة ولقد كان الأمر في أول الزمان على قولين أحدهما القدم والثاني الحدوث والقولان مقصوران على الكلمات المكتوبة والآيات المقروءة بالألسن فصار الآن إلى قول ثالث وهو حدوث الحروف والكلمات وقدم الكلام والأمر الذي تدل عليه العبارات وقد حسن قول ليس منهما على خلاف القولين فكانت السلف على إثبات القدم والأزلية لهذه الكلمات دون التعرض لصفة أخرى ورأها وكانت المعتزلة على إثبات الحدوث والخلقية لهذه الحروف والأصوات دون التعرض لأمر ورأها فأبدع الأشعري قولاً ثابتاً وقضى بحدوث الحروف وهو خرق الإجماع وحكم بأن ما نقرأه كلام الله مجازاً لا حقيقة وهو عين الابتداع فهلا قال ورد السمع بأن ما نقرأه ونكتبه كلام الله تعالى دون أن يتعرض لكيفيته وحقيقته كما ورد السمع بإثبات كثير من الصفات من الوجه واليدين إلى غير ذلك من الصفات الخبرية.
قالت السلف لا يظن الظان أنا نثبت القدم للحروف والأصوات التي قامت بألسنتنا وصارت صفات لنا فإنا على قطع نعلم افتتاحها واختتامها وتعلقها بأكسابنا وأفعالنا وقد بذلت السلف أرواحهم وصبروا على أنواع البلايا والمحن من معتزلة الزمان دون أن يقولوا القرآن مخلوق ولم يكن ذلك على حروف وأصوات هي أفعالنا وأكسابنا بل هم عرفوا يقيناً أن لله تعالى قولاً وكلاماً وأمراً وإن أمره غير خلقه بل هو أزلي قديم بقدمه كما ورد ذلك وفي قوله "ألا له الخلق والأمر" وقوله "لله الأمر من قبل ومن بعد" وفي قوله سبحانه "إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون" فالكائنات كلها إنما تتكون بقوله وأمره وقوله إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون وقوله وإذ قال ربك وإذ قلنا قال الله هذا كله قول قد ورد في السمع مضافاً إلى الله تعالى أخص إضافة من الخلق فإن المخلوق لا ينسب إلى الله تعالى إلا من جهة واحدة وهو الخلق والإبداع والأمر بنسب إليه لا على تلك النسبة وإلا فيرتفع الفرق بين الأمر والخلق والخلقيات والأمريات.
قالوا من جهة المعقول العاقل يجد من نفسه فرقاً ضرورياً بين قال وفعل وبين أمر وخلق ولو كان القول فعلاً كسائر الأفعال بطل الفرق الضروري فثبت أن القول غير الفعل وهو قبل الفعل وقبليته قلية أزلية إذ لو كان له أول لكان فعلاً سبقه قول آخر ويتسلسل ثم لما أجمعت السلف على أن هذا القرآن هو كلام الله تعالى لم يرد مناهج إجماعهم ولم يبحث أنهم أرادوا القراءة أو المقروء والكتابة أو المكتوب كما أنهم إذا وصلوا إلى تربة الرسول صلى الله عليه وسلم قالوا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحيوا وصلوا وسلموا تسليماً من غير تصرف في أن المشار إليه شخصه أم روحه.
وحققوا زيادة تحقيق فقالوا قد ورد في التنزيل أظهر مما ذكرناه من الأمر وهو التعرض لإثبات كلمات الله تعالى حيث قال عز من قائل "وتمت كلمات ربك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته" ثم قال "ولولا كلمة سبقت من ربك" وقال "قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي" وقال ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله" وقال "ولكن حق القول مني لأملأن جهنم وكذلك حقت كلمة العذاب" فتارة يجي الكلام بلفظ الأمر وتثبت له الوحدة الخالصية التي لا كثرة فيها "وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر" وتارة يجي بلفظ الكلمات وتثبت لها الكثرة البالغة التي لا وحدة فيها ولا نهاية لها "ما نفدت كلمات الله" فله إذاً أمر واحد وكلمات كثيرة ولا يتصور إلا بحروف فعن هذا قلنا أمره قديم وكلماته كثيرة أزلية والكلمات مظاهر الأمر للأمر والروحانيات مظاهر الكلمات والأجسام مظاهر الروحانيات والإبداع والخلق إنما يبتدئ من الأرواح والأجسام أما الكلمات والحروف فأزلية قديمة فكما أن أمره لا يشبه أمرنا وكلماته وحروفه لا تشبه كلماتنا وهي حروف قدسية وعلوية وكما أن الحروف بسائط الكلمات والكلمات أسباب الروحانيات والروحانيات مدبرات الجسمانيات وكل الكون قائم بكلمة الله محفوظ بأمر الله تعالى ولا يغفل عاقل عن مذهب السلف وظهور القول في حدوث الحروف فإن له شأناً وهم يسلمون الفرق بين القراءة والمقروء والكتابة والمكتوب ويحكمون بأن القراءة التي هي صفتنا وفعلنا غير المقروء والذي ليس هو صفة لنا ولا فعلنا غير أن المقروء بالقراءة قصص وأخبار وأحكام وأوامر وليس المقروء من قصة آدم وإبليس هو بعينه المقروء من قصة موسى وفرعون وليس أحكام الشرائع الماضية هي بعينها أحكام الشرائع الخاتمة فلا بد إذاً من كلمات تصدر من كلمة وترد على كلمة ولا بد من حروف تتركب منها الكلمات وتلك الحروف لا تشبه حروفنا وتلك الكلمات لا تشبه كلامنا كما ورد في حق موسى عليه السلام سمع كلام الله كجر السلاسل وكما قال المصطفى صلوات الله عليه في الوحي أحياناً يأتيني كصلصلة الجرس وهو أشد علي ثم يفصم عني وقد وعيت ما قال والله أعلم.